الأمن.. مسؤولية مجتمعية
يعتبر الأمن مطلبا أساسيا في حياة البشرية، لارتباطه الوثيق بالتنمية، حيث لا أمن من دون تنمية، ولا تنمية بدون أمن.
والأمن المجتمعي ليس منوطا بجهة معينة، أو نتاج جهد فردي، بل هو حصيلة جهد تكاملي بين جميع أفراد المجتمع ومؤسساته، ولذا يجب أن يضطلع كل فرد من المجتمع بدوره في منع كل ما من شأنه أن يخل بهذا الأمن، كل من موقعه وحسب قدرته.
ونجاح العمل الأمني وفاعليته في التصدي للجريمة والتنبؤ بوقوعها مرهون بارتفاع الوعي الأمني لأفراد المجتمع، فالوعي الأمني من أنجع السبل الوقائية في مواجهة السلوك الإجرامي، فقد برهنت التجارب العملية في العصر الحديث على تراجع معدلات الجريمة في الدول التي تبنت هذه المقاربة.
ويرى بعض علماء النفس أن الجريمة ما هي إلا محصلة إيجابية لعاملين رئيسيين، الأول منهما يتمثل في السلوك الإجرامي للجاني، أما الثاني فيمثله السلوك الإهمالي الصادر من المجني عليه..، مما يؤكد على الأهمية الاستراتيجية لضرورة وعي المواطنين بقواعد الحفاظ على أمنهم الشخصي أولا، وأمن مجتمعهم ثانيا.
ويبرز بإلحاح في هذا الجانب أهمية الوعي الأمني لثقيف الجماهير بخطورة السلوك الانحرافي وما قد يلحقه بالسلم الاجتماعي من ضرر، لإيقاظ الضمير الجمعي حياله، لتكاتف الجهود للحد من انتشار الجريمة، ومن هنا تشتد الحاجة إلى قادة الرأي والمؤثرين في المجتمع، ولا سيما القائمين على عملية الاتصال فيه لتوعية المجتمع وتثقيفه أمنيا من خلال البرامج والمواد الإخبارية في وسائل الإعلام التقليدية أو في شبكات التواصل الاجتماعي، ومن ثم تعبئته سبيلا إلى تحقيق الهدف الأسمى وهو المشاركة الفعالة في الحفاظ على أمن وطنه ومجتمعه، فاستتباب الأمن والسكينة واجب ديني وخلقي أملته الشرائع السماوية واتفقت عليه الفطرة البشرية السليمة وأكدته الأعراف والقوانين الدولية.
والوعي الأمني يعد إحدى المقومات الأساسية في العمل الأمني، ويساهم في الحد من الجريمة ومن القضاء عليها في مهدها، فالوقاية – كما يقال – خير من العلاج.
كما أنه أصبح من الضروري تفعيل دور مراكز الاتصال والتدخل السريع في الدوائر الحكومية، وسرعة الاستجابة لما يصلها من اتصالات وبنجاعة أكبر، لكسب ثقة المواطنين في مؤسساتهم وتأكيدا على أنهم قطب الرحى في العملية الأمنية (الوسيلة والهدف معا).